Thursday, August 31, 2006

تحية ... و قبلة

-1-

تحيّة ... و قبلة
و ليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي ؟ .. و
أين أنتهي ؟
و دورة الزمان دون حد
و كل ما في غربتيزوادة ، فيها رغيف يابس ،
ووجدودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي ؟
و كل ما قيل و ما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة..
أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على جناح طير ضائع ..
من أين أبتدي
تحيّة .. و قبلة.. و بعد ..
أقول للمذياع ... قل لها أنا بخير
أقول للعصفورإن صادفتها يا طير لا تنسني ،
و قل : بخيرأنا بخيرأنا بخير
ما زال في عيني بصر !
ما زال في السما قمر !
و ثوبي العتيق ، حتى الآن ، ما اندثر
تمزقت أطرافه لكنني رتقته...
و لم يزل بخير و صرت شابا
جاور العشرين تصوّريني ...
صرت في العشرين و صرت كالشباب
يا أماه أواجه الحياه
و أحمل العبء كما الرجال يحملون
و أشتغل في مطعم ... و أغسل الصحون
و أصنع القهوة للزبون و ألصق البسمات فوق وجهي
الحزين ليفرح الزبون
-3-
قد صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه أدخن التبغ ،
و أتكي على الجدار
أقول للحلوة : آه كما يقول الآخرون"
يا أخوتي ؛ ما أطيب البنات ،
تصوروا كم مرة هي الحياةبدونهن ... مرة هي الحياة " .
و قال صاحبي : "هل عندكم رغيف ؟
يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان إن نام كل ليلة ... جوعان ؟
"أنا بخيرأنا بخيرعندي رغيف أسمرو سلة صغيرة من الخضار
-4-
سمعت في المذياع
قال الجميع : كلنا بخير لا أحد حزين ؛
فكيف حال والدي ألم يزل كعهده ،
يحب ذكر الله و الأبناء .. و التراب .. و الزيتون ؟
و كيف حال إخوتي هل أصبحوا موظفين ؟
سمعت يوما والدي يقول :سيصبحون كلهم معلمين ...
سمعته يقول( أجوع حتى أشتري لهم كتاب )
لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب
و كيف حال أختناهل كبرت .. و جاءها خطّاب ؟
و كيف حال جدّتي
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟
تدعو لنابالخير ... و الشباب ... و الثواب !
و كيف حال بيتناو العتبة الملساء ...
و الوجاق ... و الأبواب !
سمعت في المذياع
رسائل المشردين ... للمشردين
جميعهم بخير !
لكنني حزين ...تكاد أن تأكلني الظنون
لم يحمل المذياع عنكم خبرا ...
و لو حزين و لو حزين
-5-
الليل - يا أمّاه - ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما
مضى ..
ماذا جنينا نحن يا أماه ؟
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياةو مرة نموت عند الموت!
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء ؟
هبي مرضت ليلة ... وهد جسمي الداء !
هل يذكر المساءمهاجرا أتى هنا...
و لم يعد إلى الوطن ؟
هل يذكر المساءمعاجرا مات بلا كفن ؟
يا غابة الصفصاف !
هل ستذكرين أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
- كأي شيء ميت - إنسان ؟
هل تذكرين أنني إنسان
و تحفظين جثتني من سطوه الغربان ؟
أماه يا أماه
لمن كتبت هذه الأوراق أي بريد ذاهب يحملها ؟
سدّت طريق البر و البحار و الآفاق ...
و أنت يا أماه
ووالدي ، و إخوتي ، و الأهل ، و الرفاق ...
لعلّكم أحياءلعلّكم أموات لعلّكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن بلا علم ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
ما قيمة الإنسان بلا وطن بلا علم ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
__________________

Wednesday, August 30, 2006

اعْتِذارٌ صَريحٌ لِحَبيبَتي

- 1 -
مَطَرٌ عَلى جُدرانِ لَيلَتِنا..وَمازالتْ عُيونُ الليلِ باكِيَةً..وَكَمْ أَحتاجُ هذا الوَقْتَ أَن أَبكي،وَلكنِّي عَصِيُّ الدَّمعِ يا فِردَوسِيَ المَفقودَ..في هذا المَساءْضاعَتْ جَميعُ الأَبجَديَّاتِ احْتَرقْتُ..لِكي أُكَوِّنَ أَبجَدِيَّةَ حُبِّنالَكنَّهُمْ قَد صادَروا كُلَّ الحُروفِ..وَأَبجَديَّةَ حُبِّنا،قَد صادَروا لُغَتي، وَحُنْجُرَتي،وَعَينيْكِ اللتينِ إِليهِما آوي..إِذا ضاقَ الفَضاءْعَيناكِ تَحتَرِقانِ في قَلبي.. وَعُمْري في مَحَطَّتِهِ الأَخيرَةِ..يَسأَلُ الرُّكَّابَ عَن عَينيْكِ..هَل رَحَلَ الرَّبيعُ وَلَمْ تَزَلْ عَيناكِ في الدُّنيا؟وَهَل رَحَلتْ عُيونُكِ أَم سَتَبقى؟هَل سَنَبقى دُونَما شَمسٍ وَلا قَمَرٍ- إِذا ما سافَرتْ عيناكِ سَيدتي - إِلى يَومِ اللقاءْ ؟!

- 2 -
تَتَلأْلَئينْ..كَسَنىً بَهيجٍ تَلمَعينْيا مَن يُغَطِّي جِسْمَها،عِشرونَ حَقلاً مِن حُقولِ الياسَمينْيا مَن يَسيرُ وراءهَا، سِربٌ مِنَ الغِزلانِ، كَي تَتَعَلَّمَ المَشيَ الأَنيقَ..عَلى غُيومِ القَلبِ، في فَصْلِ الهَوىتَمشي فَراشاتٌ مُلَوَّنَةٌ، وَراءَ مَليكَتيوَأَنا حَزينْ

- 3 - مُرِّي مُرورَ سَحابَةٍ بَيضاءَ..فَوقَ حُقولِ قَلبي،وَاهطِلي بَرَداً وَثَلجَاً، طَهِّريهِ مِنَ الفُتورْتَتَراقَصُ الكَلِماتُ فَوقَ يَدي..وَبَينَ أَصابِعي..وَأَنا أُحاوِلُ أَنْ أُشَكِّلَ مِنكِ أُغنِيَةً..وَلكنَّ الحُروفَ تَضيعُ ما بَينَ السُّطورْمازِلتُ أَبْحَثُ عَن رَحيقِ الحَرفِ في لُغَتي..وَلكنِّي وَجَدتُ حَريقَهُفَتَقَلَّبتْ بَعضُ الحُروفِ.. وَغَيَّرتْ مَعنى السِّياقِ،فَغِبتِ أَنتِ مَعَ الحُضورْمَن ذا يُعيدُ كِتابَتي وَقِراءتي؟وَالحُزنُ أَرهَقَني وَأَرهَقَ ما تَبَقَّىفي إِناءِ الرُّوحِ مِنْ رَمَقٍ..وَمِن وَشَلٍ وَمِن صَبرٍ صَبورْ

- 4 -
أَحَبيبَتي..قَدْ نَلتَقي في غُربةِ الرُّوحِ،اترُكيني هائِماً بَينَ المَنافي وَالفَيافي وَالضِّفافِ..فَقد أَجِيءُ وَلا أَجيءُ..فَحاوِلي أَن تَقرَئِيني مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ،وَحاوِلي أن تَعشَقيني مَرَّةً أَو مَرَّتيْنِ،وَحاوِلي أن تَقتُليني مَرَّةً أو مَرَّتيْنِ،لِكي أَعيشَ أنا وَأنتِ بِروحِنا الأَبَدِيِّ..في وَطَنٍ يُعَلِّمُنا تَرانيمَ الهَوىفَسَنَملأُ الجَرَّاتِ بِالخَمرِ المُقَدَّسِ وَالمُعَتَّقِ،ثُمَّ نَمزُجُهُ وَنَشرَبُهُ بِدَمعِ الزَّنْجَبيلْوَسَأَجْمَعُ النَّجمَ المُسافِرَ بَينَ أَحضانِ المَدى..تاجاً يُزَيِّنُ رأسَكِ العالي.. وَأَجْمَعُ مِن عُيونِ الليلِ كَأْساً.. كي أُكَحِّلَ مِنهُ عَينيْكِ المُسافِرَتَيْنِ في قَلبي،وَأَصغي يا مُعَذِّبَتي لِصَوْتِكِ وَالهَديلْ

- 5 - شَفَتاكِ أَشهى مِن نَبيذِ الليلِ..لَكنِّي تَعبتُ..تَعبتُ مِن تَفكيرِيَ المَسجونِ في عَقلي..فَحولَ العَقلِ أَلفُ كَتيبَةٍلا أَنتِ قادِرةٌ عَلى الأَحلامِ سَيِّدتي..ولا أَنا قادِرٌ ، وَالحُلْمُ عيدْبَيني وَبَينَكِ حائِطٌ يَعلو.. وَيَعلو..كُلَّما حاوَلتُ أَنْ أَعلو ، عَلا..عَيناكِ تَبتَعِدانِ في الأُفُقِ البَعيدْوَالرُّوحُ هائِمَةٌ..وَقَلبي وَالمزامِيرُ العَتيقَةُ وَالنَّشيدْ

- 6 -
أَعداؤُنا أَخَذوا عُيونَكِ..يا مُعَذِّبَتي وَراحواأَخَذوا النَّشيدَ - نَشيدَ إِنشادي وَراحواوَضَعوا القَصيدَةَ في وُجاقِ النَّارِ سَيِّدتي ، وَباحوالليلِ ما لا يُستَباحُسَحَبوكِ مِن روحي وَثاروا وَاستَراحواوَالقَلبُ تَمْلأُهُ الجِراحُيا طائِرَ الفينيقِ في قَلبي أَفِقْ..أَنا طائِرٌ لَكِ مِن بَقايا العُمرِ..مِن صَمْتِ الرَّمادِ..فَحَرَّضوا بَعضي عَلى بَعضي،فَما خَفَقَ الجَناحُ

- 7 -
أَعداؤُنا يَتكاثَرونَ يُحاصِرونَ قَصيدَتيفَخُذي سَديمَ الرُّوحِ وَانْتَشِري..دُهوراً حَولَ أَيَّامي وَلا لا تَرحَلي..أَبَداً وَظَلِّي مِثلَ ظِلِّي لا يُفارِقُني،خُذي ما شِئتِ أَنتِ حَبيبَتي،وَطَني وَداريوَأَنا المُحاصَرُ بَينَ حُزني وَانْكِساري..بين وَجْهَكِ وَاحْتِضاري..بَينَ أَشواقي وَناريفَلِذا أُقَدِّمُ يا مُعَذِّبَتي اعْتِذاري

Tuesday, August 29, 2006

اليك ايها الانسان



الى الانسان الذى عشت معه لحظات الحب الحقيقة
الى من كنت لا احسبة سوى صديقا وافيا
ووجدتة حبيبا مخلصا وقلبا نابضا
الى الحب الطاهر والابتسامة الوافية
الى من كان له فضل التغير فى حياتى
الى الانسان الذى ارغم قلبى على حبى له
وجعلنى لا اتمنى سوى انا اراة سعيدا
الى من اصبح كل حياتى
الى من اخذنى الى دنيا جميلة
كم تمنيت ان اظل بها

حقائب البكاء


حقائب البكاء
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت ..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي.
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
عندئذ .. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له ..
في عتمة الجدائل ..
*
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير .. والغطاء
أمنحه .. جميع ما يشاء
*
من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابقا رائعة الشحوب
يحمل لي ..
حقائب الدموع والبكاء..
-------------------------
نزار قباني